-A +A
عبدالله الغضوي
قبيل الحرب على العراق في العام 2003، تهافتت الوساطات الدولية على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للخروج من بغداد وتأمين ملجأ له في الخارج، حتى يجنب البلاد الدخول في أتون الحرب والدمار.. وفي كل مرة كان الرد.. على الطريقة البعثية «سينتحر الغزاة على أسوار بغداد».
وبدأت الحرب ولم ينتحر الغزاة، وكانت نهاية صدام كما شاهدها الجميع، وبدأت عملية اجتثاث البعث من العراق، كانت عملية قاسية وصعبة على بلد تشربت أرضه أفكار ميشيل عفلق وزكي الأرسوزي.

وبرغم الاختلاف بين بشار الأسد وصدام حسين، إلا أن النظامين من الطينة البعثية نفسها، هذه العقلية المنغلقة التي تعيش في مزاج بعيد عن الواقع، عقلية البعث عقلية «دونكشوتية» تؤمن بالمؤامرات الوهمية والانقلابات العسكرية، ولا تزول إلا بالكسر والاجتثاث، بغض النظر عن جدوى الاجتثاث. مات صدام وماتت بعده كل أفكار البعث في العراق.
واليوم الأسد أوصل البلاد إلى حالة لا يمكن فيها التراجع، إما الموت أو الموت، فما من طريق ثالث جعله الأسد مفتوحا للخروج من المأزق، هو الآن محاصر في دمشق (أصغر العواصم)، كما كان صدام محاصرا في بغداد، هي ذات الطريقة التي نهجها صدام في حصار ذاته.. لم يترك للعالم خيار التدخل لإنقاذ روحه.
يدرك الأسد نهايته الحتمية، ففي آخر خطابات الأسد كان يتحدث عن موته أكثر من إنهاء الصراع، كان حديثا تراجيديا، ويبدو على وجهه اليأس وهو يردد كلماته «سأموت هنا.. في سورية». معظم المسؤولين الروس الذين التقوا الأسد، يقولون إن الأسد يتحدث إلينا وهو يدرك أنه مقتول لا محال.. لذا هو سيخوض حربه حتى النهاية.
صحيح أن بشار لم يصل إلى بعثية صدام، إلا أنه يعيش في عقلية بعث الأب وحاشيته، التي أرست قواعد هذا النظام البعثي، وربما هذا العناد السياسي يفيد في فرض ضرورة كسر البعثيين، الذين يرفضون الآخر ويعشقون الحرب حتى النهاية حتى لو كانت على حساب الوطن.. ربما يكون صدام أعدم على يد الغزاة.. لكن الأسد لن ينهي حياته إلا كمجرم حرب لا زعيم.